![]() |
Islam Behery |
الأسطورة عن قصة
أصحاب السبت
تقول الأسطورة أن «أصحاب السبت» هم قوم من اليهود كانوا يتجاوزون حدود الله بالاصطياد في يوم السبت، وكان حرامًا عليهم لاشتغالهم عنه بالعبادة، وكانت تأتيهم حيتانهم ظاهرة على وجه الماء، دانية منهم يوم السبت، وباقي الأيام لا تأتيهم بل تغوص كلها في البحر؛ وذلك بسبب فسقهم ابتلاهم الله مثل هذا البلاء الشديد، فلما تكبروا عن ترك ما نهوا عنه، مسخهم الله قردة وخنازير..ووردت هذه الرواية في كتابي البخاري ومسلم.
مسخ البشر لفئران
الحديث
أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما
أولًا نص الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: «فُقِدَتْ
أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا
إِلَّا الفَأرَ، إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ، وَإِذَا
وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ»
الحديث يشير إلى قصة أصحاب السبت، يشرح الحديث، أنه من المفترض عندهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: فُقدت أمة من بني إسرائيل بمعنى ذهبت طائفة منهم واختفت وهو لا يعلم ما وقع لهم.
فيقول
صلى الله عليه وسلم: لا أراها (لا أظنها) إلا أن الله سبحانه وتعالى مسخها
(لجنس الفأر) ويؤكد كلامه بهذا التساؤل ألا ترونها إذا وضع لها ألبان الإبل
لم تشربه؟
وإذا وضع
لها ألبان الشاه شربته؟ ويستدل بقوله في نظرهم أن لحوم الإبل وألبانها حُرمت على (بني
إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها) وأن امتناع الفأر عن لبن الإبل دون الغنم
دليل أن (جنس الفأر) هم الأمة التي
فُقدت ومُسخت إلى فأر من بني إسرائيل.
كلام غير معقول وغير منطقي ولا يصح أن يُقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ورد في صحيح مسلم
حديث عكس هذا الحديث.
نص الحديث (عن ابن مسعود: أن
النبي صلى الله عليه وسلم، ذكرت عنده القردة والخنازير من مسخ، فقال صلى الله عليه
وسلم: إن الله لم يجعل لمسخ نسلًا ولا عقبًا، وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك، إذا افترضنا أنهم صدقوا هذا الكلام عن رسول الله
كان يجب عليهم أن يُفهم هذا الحديث انه
مجازًا، مثل قول الله تعالى في وصف البعض "كالحمار
يحمل أسفارًا" فالله لم يقصد أن يذم كائن الحمار، ولكنه تشبيه
مجازي لأن الحمار ليس مطلوب منه قراءة الكتب التي يحملها فوق ظهره أو يفهمها،
فوظيفته توصيلها فقط.
ولا تعني
الآية أن الحمار كحيوان مخلوق غبي، وأن الله سبحانه وتعالي يريد أن ينقص منه.
هذا فهم خاطئ للآية تم تصديره للناس عكس مراد القرآن الكريم.
وعلى ضوء
هذا الفهم لهذه الآية، وبما أنهم صدقوا هذا القول عن الرسول.
إذًا كان
من المفترض فهم الحديث على أنه مجازي.
والأصح عقلًا أن يضعفوا مثل هذه الأحاديث التي
تتعارض مع بعضها البعض، وتخالف كل أساسات القرآن الكريم، ولكننا سنرى الآن تبريرات من النوع الفاخر
والمستوى العالي في اللف والدوران حتى يقولون أن البخاري ومسلم لا يخطئون أبدًا !!
تبرير القرطبي
قال القرطبي: ما ذكره في الفأر
لما قال: فُقِدت أمَّة من بني إسرائيل لا أدرى ما فَعَلت، ولا أراها إلا الفأر ـ
كان هذا منه صلى الله عليه وسلم ظنًّا وحدسًا منه قبل أن يوحى إليه.
وإن الله تعالى لم يجعل لمسخٍ نسلاً ـ فلما أوحي إليه بذلك زال عنه ذلك التخوُّف، وعلم أن الضَّبَّ، والفأر ليسا من نسل ما مُسِخ، وعند ذلك أخبرنا بقوله: إن الله لم يجعل لمسخٍ نسلاً.
تبرير ابن حجر العسقلاني.
قال ابن حجر العسقلاني، الحافظ في فتح الباري160/7: وذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم القردة
والخنازير، فقال: إن الله لم يجعل للمسخ نسلًا ولا عقبًا، وقد كانت القردة
والخنازير قبل ذلك، كما في صحيح مسلم وغيره.
وعلى هذا
يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: لا أراها إلا الفأر، وكأنه كان يظن ذلك ثم أعلم
بأنها ليست هي.
وأجاب
الجمهور بأن النبي قال ذلك قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر "انتهى..(فتح
الباري7/160)
المعنى من كلامهم أن ليس كل كلام النبي وحيًا، كيف
نصدق هذا؟ وعلى أي أساس
ينسبوا هذه الخرافة للنبي ويقولون كل كلامه وحيًا؟
كيف يكون هذا
التبرير في تشريع وتصحيح هذه الخرافات في كتب الحديث؟
لقد حاولوا شراح هذا الحديث تبرير هذه الكارثة
بقولهم أن النبي قال ثم تبين أنه مخطئ فتراجع، وهذا قولُ شنيع في حق الرسول ﷺ ليس هذا لتراجعه
في الكلام لأنه بشر ولكن هذا لأنهم نسبوا
الخرافة للنبي، والمؤسف أن ينسبوا ذلك الكلام للنبي ﷺ دون خوفٍ أو خجل،
فالكذب فيه واضح، والخرافة تملأ جنبات القصة منذ البداية.
والكيدية
هي عنوان ذلك الجنون الذي دفع الرواة للالتفاف في القصة حيث قالوا أن النبي
يقول ثم يتراجع ثم يزعمون في مواضع أخرى أن كل كلامه وحي من أجل تشريع الدين، هذه
الروايات غريبة على الإسلام، ولا يصح أن ننسب هذا لأي دين.
ولا يصح أن يُقال
أن الله سبحانه وتعالي (خلق بشر) ثم غضب عليهم ومسخهم فئران أو خنازير، ولكن لن يستطيع الأوائل وشارحي كتابي البخاري
ومسلم أن يضعفوا الحديث.
يتم تفريع الحلقات بواسطة "منال صادق" مسؤولة السوشيال ميديا للدكتور إسلام بحيري
____________________________________
المصادر:- الحافظ في فتح الباري160/7 تفسير القرطبي، القرآن الكريم كتابي البخاري
ومسلم. برنامج البوصلة مع إسلام بحيري النسخة الرمضانية أساطير الأولين رمضان
2020.