![]() |
إسلام بحيري |
من أخرج آدم من الجنة؟ وماذا قالت كتب التراث؟
اتفق المفسرون على قصة القرآن بأن الوسوسة كانت لهما الإثنين.
حواء والغواية
تقول ”الأسطورة“
أولاً: ماذا قالت كتب الحديث؟ عن أسطورة حواء والغواية.
فنجد أن حديث في البخاري ومسلم (متفق عليه) حديث مسلم رقم 1470، وفي البخاري رقم 3330الحديث عن أبي هريره (أحد الخمسة المشتركين في نقل الإسرائيليات والتأثر بها) "لولا بني إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر" هذا الكلام من المفترض أن رسول الله قاله، فما هو علاقة حواء بخيانة المرأة لزوجها؟ من وضع هذا الكلام يقصد أن حواء عليها ذنب كل امرأة تخون زوجها، وأن حواء أم بنات آدم فأشبهناها، وأخذوا كل صفاتها وطبائعها ونزعوا عرق ما جرى لها في قصة الشجرة.
وأبليس عندما أغواها وزين لها الأكل من الشجرة لتغوي آدم، كانت هذه خيانة لآدم، وهذا الكلام لا يصح ويُعد طعن في نبي الله آدم عليه السلام، وهذا الفهم يبعد كل البعد عن معنى الآيات الواضحة، ويثبت أن الحديث الوارد في مسلم من الإسرائيليات و مخالف للقرآن الكريم.
فلكم الحكم فيما وصلنا به من إهدار لمعاني آيات القرآن.
رأي ابن حجر العسقلاني في شرح الحديث.
حيث قال"وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لولا حواء لم تخن أنثى زوجها فيه إشارة فيما وقع من حواء لتزين لآدم الأكل من الشجرة حتى وقع في ذلك، فمعنى خيانتها إنها قبلت ما زين لها إبليس فزينته لآدم، ولما كانت هى أم بنات آدم أشبهناها بالولادة ونزع العرق، فلا تكاد امرأة تسلم من خيانة زوجها بالفعل أو بالقول وليس المراد بالخيانة هنا إرتكاب الفواحش ولكن لما مالت إلى شهوة النفس في الأكل من الشجرة فيعد ذلك خيانة، ثم جاءت من بعدها النساء وخيانة كل واحدة منهن بسببها وأن ذلك من طبعهن فلا يحزن الرجال ولا يكثروا من لوم زوجاتهم، فأمهن فعلت ذلك بآدم.
ومعنى كلام ابن حجر أن النساء في طبعهن الخيانة و(حاشا لله من ذلك المعنى) وبغض النظر عن سند الأحاديث والرواة، ومضمون هذة الأحاديث تفوح منها رائحة الإسرائيليات فالنص واضح وضوح الشمس فكيف تجرأ أهل الحديث على هذا الإنحراف؟
القرآن في مواجهة الأسطورة
تقول الأسطورة من خارج وداخل كتب التراث أن حواء وذلك الاسم (مجازًا) هي من أغوت آدم بالأكل من الشجرة وكانت سبب في خروجه من الجنة، والفقهاء أقروا هذه الأسطورة.
والآن سنقرأ آيات القرأن الكريم لتكون في مواجهة الأسطورة التي تأصلت في الوعي الجمعي بفضل فهم الفقهاء الأوائل.
قال تعالى:- (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) بما أن ورد في الآية ضمير "هما" متكرر إذًا المقصود به هما الأثنين وليس آدم فقط أو حواء والأمر والنهي لهما معًا والآية الكريمة تثبت أن الوسوسة والأكل من الشجرة كانت للأثنين معًا.
وفي قول الله تعالى (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ) الآية توضح أن الشيطان هنا وسوس لآدم منفرداً فقط ثم ردة الفعل كانت من الاثنين معًا "فأكلا الأثنين" من الشجرة وبدت لهما سوآتهما، الآية تثبت أن الوسوسة كانت لآدم ثم نقل آدم هذة الوسوسة لزوجه، فأكلا هما الأثنين، وفي قوله تعالى (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ) فأزلهما الشيطان تعني أن الأثنين أخطأوا آدم وحواء وبالتالي كان الخروج جزاءً للأثنين معًا وليس لطرف دون الآخر.
الآيات السابقة توحي وتقول بأن الوسوسة من الشيطان كانت لهما معاً وكذلك الأثنين أكلا من الشجرة معًا، فكان العقاب هو الخروج من الجنة، لم يذكر القرآن الكريم ما هى الوسيلة أو الطريقة التي وسوس بها الشيطان لهما، ولن تفرق كثيًرا في معنى القصة، الأهم هو أن كل آيات القرآن الكريم تؤكد أن زوج آدم عليه السلام ما يسمى في العقل الجمعي بـ "حواء" خارج معادلة الوسوسة والغواية تمامًا. وليست هي سبب خروج آدم عليه السلام من الجنة.
شاهد هنا حواء والغواية الحلقة كاملة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر: حديث في مسلم رقم 1470، الحديث في البخاري رقم 3330 الآيات:- سورة البقرة الآية 36، سورة طه 120الآية. سورة الأعراف الآية 20. برنامج البوصلة مع إسلام بحيري النسخة الرمضانية أساطير الأولين رمضان 2020.